الحلقة الأولى : كيف اكتشفت وأحببت الأغنية المغربية
باسم الله الرحمان الرحيم
إخواني وأخواتي رواد وأعضاء وزوار موقع الأغنية المغربية العزيز
أبدأ باسم الله هاته السلسلة من ذكرياتي الخاصة والطويلة مع الأغنية المغربية وبالطبع عبر الإذاعة الوطنية، التي كان لها ولايزال، الفضل في توجيه أسماعنا جميعا إلى كل ما هو مغربي أصيل…
وقبل الخوض في حلقتنا الأولى، أود أولا أن أتوجه بجزيل الشكر لجميع القائمين على هذا الموقع الكريم، الذين أتاحوا لنا من خلاله الاقتراب عن كثب من فنانين، بل جبال أطلسية شامخة من طينة الأستاذ محمد عاطفي والفنان عبد الواحد التطواني والفنان الشاعر عبد اللطيف بوعياد وفنانتنا المتألقة الأنيقة حياة الإدريسي والأستاذ الباحث الكبير رشيد أبوتاج واللائحة طويلة تضم رموزا وطنية أعطت ولازالت تعطي، لهذا البلد ، تلك الصورة الحضارية المشرقة التي تغمرنا دفئا وحنانا وتعلقا بمغربنا العزيز….
أجل، إخوتي، نحمد الله على هذا الجهاز العلمي –الكمبيوتر- الذي جعل هؤلاء العمالقة يمكثون حولنا وندركهم ونلمسهم ونشعر بعمق المودة والمحبة التي نكنها لهم….فهنيئا لنا بهذا الموقع الفذ وهذا الصرح العظيم، الذي نتمنى له الرقي والازدهار، وللقائمين عليه دوام الصحة والعافية وأجرا عظيما من عند ربهم إن شاء الله.
******************************
الحلقة الأولى : كيف اكتشفت وأحببت الأغنية المغربية
كنت في السادسة من عمري أي في سنة 1959، وكنت آنذاك كمثل أغلبية الأطفال المغاربة أتلقى تعليمي الأولي في مسجد يبعد بحوالي 400 متر عن المنزل، وكان علي أن أمر من أمام صف من الدكاكين وأنا في طريقي إلى المسيد أو كما نسميه عندنا : الجامع….
تعرفت من خلال استماعي وأنا في الطريق، لأغان كان تؤدى كل يوم تقريبا ، أذكر جيدا : بنت المدينة، عندي وحيدة، كان زملائي في الجامع ممن يكبرونني بسنتين أو أكثر، يحفظونهما ويرددونهما كثيرا…
في سنة 1960/61 كان موعدي مع السنة الأولى من الدراسة الابتدائية، ولازلت أتذكر جيدا ذلك الحزن العميق الذي عم المغرب كله من جراء الزلزال الذي ضرب مدينة أكادير، ولا زال اللطيف الذي كانت تقدمه الإذاعة الوطنية على مدى أيام، لازال يرن في أدني…وفي نفس السنة تقريبا توفي أبو الأمة وصانع تاريخها المغفور له محمد الخامس، فكنت أمر من أمام الدكاكين وأقف لحظات لأنصت إلى المرحوم الموسيقار أحمد البيضاوي وهو ينشد بصوت متخشع حزين أغنية بالمناسبة لم أعد أتذكر كلماتها…
لم تكن العائلة تتوفر على مذياع، شأنها في ذلك شأن أغلبية العائلات، فكانت الوسيلة الوحيدة للاستماع للأغاني المغربية من سنة 1960 إلى غاية 1964، هي تلك اللحظات التي كنت أسترق فيها السمع وأنا أمر قرب الدكاكين، أو من أمام منزل يأبى أهله إلا أن يرفعوا صوت مذياعهم إلى أقصى حد ممكن، ليعرف الجيران أنهم يتوفرون على صندوق لعجب…
فكنا صغارا نسمع أغان لاتزال منقوشة ومحفورة في الذاكرة، وأذكر منها:
– يا اللي الفرح عم شعبو زهرات بلادو
وهي أغنية وطنية وأعتقد أنها للفنان المرحوم إسماعيل أحمد ومن تلحين الفنان الموسيقار المرحوم عبد القادر الراشدى…
هاته الأغنية كانت تعجب جميع الأطفال والكبار آنذاك فيرددونها بدون انقطاع، كما كان يتغنى بها الفنانون المحليون في حفلات الأعراس….بل كانوا يفتتحون بها تلك الحفلات بناء على إلحاح المتفرجين.
– يا طير لحمام الغادي وقتاش كتغيب
أغنية طالما أحببتها وتغنيت بها وطربت لها…لم أعد أتذكر من كان يؤديها، وربما كنت أستمع إليها فقط من خلال حفلات الأعراس….
— راه مراكش يا سيدي كلو فارح بيك
راه مراكش يا سيدي كلو يهتف بيك
وهي أغنية للفنان الشعبي حميد الزاهر، ولعلها من أوليات أغاني هذا الفنان الكبير….
– يا البيضة ويا البيضة ربي يهديك
أغنية محبوبة جدا من الكل كبارا وصغارا، كان يؤديها الفنان إسماعيل أحمد على أمواج الإذاعة، ولكن كنت أسمعها بأصوات كثيرة آنذاك عندما أمر أمام منزل يتوفر سكانه على فونوغراف، ذي خرطوم طويل، فكنت من سداجتي أقف طويلا لأبحث عن المغني الذي يختبئ داخل ذلك الخرطوم…
– أنا ما بيدي ما نعمل
من الأغاني التي ظلت محبوبة، ترددها جميع الحناجر على مدى سنوات طويلة، فكانت كلما بدأت الإذاعة في بث هاته الأغنية ، إلا ورأيت الأطفال والنساء يركضون بسرعة للإستماع إليها من داخل أحد منازل الجيران المحظوظين الذين يتوفرن على صندوق العجب…
– غير سيرو سيرو خليوني
إحدى روائع الأستاذ المقتدر المرحوم عباس الخياطي، أغنية لا تقل شئنا ولا قيمة عن مثيلاتها في ذلك الوقت
لسمر معذبني
أغنية جميلة للفنانة المرحومة لطيفة أمال، ترددت كثيرا على كل الألسن في تلك الحقبة.
*********
هاته أهم الأغاني التي طبعت تلك الفترة (من 1960 إلى 1964) التي لم تكن أسرتي تمتلك مذياعا خلالها، والتي بدأت أتعرف فيها على الأغنية المغربية.
سأتناول مع حضراتكم في الحلقة الثانية، إن شاء الله، بدايتي مع المذياع بعد أن أصبحت الأسرة تتوفر على هذا الصندوق السحري…
إلى ذلكم الحين،أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محمد شكري.