الحلقة الثانية : اكتشافي لصندوق العجب
الحلقة الثانية : اكتشافي لصندوق العجب
الجزء الأول: الأغاني الصباحية
وأخيرا اشترى لنا الوالد مذياعا من نوع « فيليبس » يعمل ببطارية كبيرة توضع فوقه،، وأنتين طويل أفقي على شكل سبيرال، كان ذلك في ربيع 1964 .
ميولي إلى العزلة، وحبي للطرب، جعلاني أقضي معظم أوقاتي وأنا خارج الدراسة، في البيت مع هذا الضيف العجيب الجديد.
بدأت شيئا فشيئا أحفظ جميع المواعيد الإذاعية، ولعل خضوع برامج الإذاعة لمواعيد قارة وثابتة يوميا و أسبوعيا، سهل علي تلك المهمة، لازلت أتذكر جيدا أهم ما كان يبث خلال تلك المرحلة:
– قبل السابعة بدقيقة أو دقيقتين، ألفت أدني الاستماع إلى لازمة موسيقية من أغنية وطنية : « ملك من عظماء » للأستاذ الكبير والموسيقار عبد الوهاب أكومي ليأتي صوت المرحوم : المهدي زريوح ليقول : « من توجيهات صاحب الجلالة »، ثم نسمع مقتطفا قصيرا من إحدى خطب جلالة الملك الحسن الثاني تغمده الله برحمته الواسعة..
مباشرة بعد ذلك، كان الموعد مع أخبار السابعة صباحا، بصوت لطيفة القاضي أو أختها…
– بعد الأخبار كانت الحصة اليومية الذي كنت أنتظرها على أحر من الجمر: الأغاني الصباحية….
الحصة هاته كانت تتضمن غالبا الأغاني التالية، وتكاد تكون ثابتة :
* الوردة للفنان محمد المزكلدي : من أجمل القطع التي أطربتني ولا زالت تطربني.
البلبل : قطعة رائعة كان يؤديها نفس الفنان، هاته القطعة لم أستمع إليها منذ ذلك التاريخ، ولعلي بها قد فقدت أو دمرت من طرف أياد عابثة…. وأتذكر بعضا من كلماتها : « علاش يعذبوك….وعلاش يسجنوك ».
* أيام الربيع : من أجمل القطع للفنان المعطي بن قاسم رحمه الله، قطعة ستبقى خالدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
* أوبيريت الربيع : قمة في اللحن والأداء، فقد جمعت ثلاثة فنانين من أفضل مطربي تلك الفترة : المرحوم عبد اللطيف غرنيط والمرحوم المعطي بن قاسم إضافة على الفنانة المرحومة لطيفة أمال، لوحة فنية خالدة من إبداع الأستاذ الفنان الكبير محمد بن عبد السلام.
* صباح الخير مستمعينا، للفنان الكبير عبد الحي الصقلي.
* إلى هاته الروائع المغربية، كانت تضاف أغان أخرى، وأذكر منها :
* الفجر لاح والطير غنى : للفنان التونسي الراحل محمد الجاموسي.
* طل الصباح ورفرف العصفور: للفنان الكبير وديع الصافي.
* الورد فتح يا زارعين الورد: للفنانة اللبنانية الكبيرة سميرة توفيق.
* نحنا ودياب الغابة : للسيدة فيروز(أو إحدى أغانيها الخفيفة الأخرى ك: هيك مشق الزعرورة)
* أوبيريت : نبع الصفصاف لمجموعة من الفنانات اللبنانيات..
كانت الأغاني المصرية في تلك الفترة قليلة البث، ولعل ذلك راجع إلى عوامل تاريخية سياسية.
كانت السيدة ليلى (أو السيدة حبيبة ) تطل علينا بعد ذلك أي حوالي الساعة الثامنة صباحا ببرنامجها اليومي : سيدتى أو ركن المرأة، تليه أغنية أو أغنيتان، غالبا ما تكون للفنان المرحوم إسماعيل أحمد : خليك يا قلبي هاني – سولت عليك العود والناي – يا مراكش يا وريدة – الغيرة – ابنيتي وعليتي – …) ثم ينقطع البث من الساعة التاسعة صباحا إلى الثانية عشرة زوالا، لنتحول إلى إذاعة طنجة الجهوية، وعلينا أن نقوم بتحويل مؤشر الموجات المتوسطة يدويا، وتوجيه الجهاز إلى جهة الشمال أو الجنوب عوض الشرق أو الغرب بالنسبة للإذاعة المركزية.
ولكي لا أطيل على حضراتكم، أكتفي بهذا القدر…وموعدنا يتجدد في الجزء الثاني من هاته الحلقة، إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محمد شكري