نعيمة سميح
المولد والنشأة:
ولدت نعيمة سميح في عام 1954 في مدينة الدار البيضاء، وسط حي شعبي أنجب العديد من الشخصيات البارزة في مجالات الفن والرياضة. نشأت في أسرة محافظة كانت تشدد على القيم الاجتماعية، ورغم ذلك، فقد أبدعت نعيمة في مجال الفن منذ طفولتها، حيث أظهرت شغفًا كبيرًا بالموسيقى والأنغام.
المسار الفني:
دخلت نعيمة سميح عالم الفن منذ سن مبكرة، حيث بدأت في الغناء وهي لا تتجاوز التاسعة من عمرها، ولكن انطلاقتها الحقيقية كانت في سن 16 عامًا. كانت بداية مسيرتها الفنية من خلال برنامج « مواهب » التلفزيوني في أوائل السبعينات، الذي كان يقدمه الملحن الكبير عبد النبي الجيراري، الذي يعتبر من الشخصيات البارزة التي اكتشفت العديد من المواهب الشابة. رغم أن أسرتها لم تكن راضية عن اختياراتها الفنية، إلا أن نعيمة سميح تمسكت بحلمها الفني، وكان ظهورها في البرنامج نقطة تحول مهمة في مسيرتها.
سريعا، أصبحت نعيمة سميح من أبرز الأسماء في الساحة الفنية المغربية، حيث تميزت بصوتها الدافئ والبحة الفريدة التي أضفت طابعًا مميزًا على أغانيها. لقد تمكنت من التربع على عرش الغناء في المغرب إلى جانب أسماء كبيرة مثل عبد الهادي بلخياط وعبد الوهاب الدكالي، حيث كانت تمثل جيلًا جديدًا من الفنانين الذين أضافوا الكثير للأغنية المغربية.
اعتمدت نعيمة سميح في اختياراتها على توليفة موسيقية خاصة بها، حيث تعاملت مع مجموعة من كبار الملحنين الذين اهتموا بإدخال الإيقاعات المغربية التقليدية في قالب عصري. ومن بين هؤلاء الملحنين الذين تعاونت معهم: عبد القادر الراشدي، عبد الله عصامي، محمد بنعبد السلام، عبد القادر وهبي وأحمد العلوي. كما كانت تتعاون مع شعراء مرموقين مثل أحمد الطيب العلج وعلي الحداني، الذين ساهموا في تقديم كلمات عامية ذات عمق شعري راقٍ.
النجاح والانتشار:
حققت نعيمة سميح نجاحًا كبيرًا ليس فقط في المغرب، بل أيضًا في العالم العربي. حيث قدمت مجموعة من الأغاني التي لاقت شهرة واسعة وتم إعادة غنائها من قبل العديد من الفنانين العرب، رغم أن اللهجة المغربية كانت تمثل تحديًا للبعض. من أبرز أعمالها التي تحققت شهرة ضخمة: « جاري يا جاري« ، « ياك آجرحي« ، « أمري لله« ، و »غاب علي الهلال« . وقد استمر تأثير أغانيها حتى اليوم، حيث يُعتبر صوتها جزءًا من الهوية الفنية المغربية.
في عام 1977، كانت نعيمة سميح أول فنانة مغربية تغني على مسرح الأوليمبيا الشهير في باريس، لتكون بذلك ثالث فنانة عربية تحيي حفلة في هذا الصرح بعد أم كلثوم وفيروز، وهو ما يعد إنجازًا مهمًا في مسيرتها.
الرصيد الفني:
استمرت نعيمة سميح في تقديم الأعمال الفنية التي لاقت نجاحًا كبيرًا طوال أكثر من أربعة عقود. تنوعت أعمالها بين الأغاني العاطفية والوطنية والدينية، كما تعاونت مع عدد من كبار الملحنين العرب. من بين أشهر أغانيها التي لاقت صدى كبيرًا في أنحاء العالم العربي: « أحلى صورة« ، « البحارة« ، « راح« ، و »نحمدو ربي ونشكروه« .
الجوائز والتكريمات:
نظير مسيرتها الفنية الطويلة والمتميزة، حصلت نعيمة سميح على العديد من الجوائز والتكريمات. في عام 2007، تم منحها وسام الكفاءة الوطنية تقديرًا لإسهاماتها في المشهد الفني المغربي. كما تم تكريمها في العديد من المهرجانات الفنية داخل المغرب وخارجه..
ظلت نعيمة سميح طوال مسيرتها الفنية وفية للهوية المغربية، ورفضت الانجرار وراء موجات الهجرة الفنية إلى الشرق العربي رغم النجاح الكبير الذي حققته، وهو ما أكسبها احترامًا وتقديرًا خاصًا من جمهورها في المغرب والعالم العربي..