عبد الوهاب الدوكالي
الفنان عبد الوهاب الدكالي من مواليد عام 1941 . نشأ بمدينة فاس، وتلقى دروسا في الموسيقى والتمثيل والرسم مند الصغر.
شارك عام 1957 في برنامج اذاعي خاص باكتشاف المواهب، فكانت تلك خطوته الاولى نحو عالم الغناء، حيث بدأ بعد ذلك بعامين بتسجيل اغنياته الخاصة، وفي نفس الوقت يعمل ممثلا مع فرقة المعمورة للتمثيل الاذاعي والمسرحي.
الدكالي .. الممثل السينمائي
* وبما ان مصر كانت وما زالت حلم كل فنان عربي، سافر الدكالي الى القاهرة عام 1962، ليقترب من نجوم الطرب الشرقي آنذاك عبد الحليم حافظ وفريد الاطرش ومحمد عبد الوهاب ، ويبحث لنفسه عن موقع بينهم ، لكنه عاد الى المغرب عام 1965 ليحفر اسمه الى جانب اكبر المبدعين المغاربة . ويكاد يكون الدكالي الاسم الوحيد الذي يتبادر الى ذهن الفنانين المشارقة كلما جرى سؤالهم عن مدى معرفتهم بالاغنية المغربية.
وسيرا على طريق عدد من نجوم الطرب الشرقي الذين جمعوا بين الغناء والتمثيل السينمائي، الذي منحهم جماهيرية واسعة، في ذروة نجاح الافلام الغنائية، دخل الدكالي بدوره عالم السينما، وشارك في افلام مغربية من بينها «الحياة كفاح» لمحمد التازي و«رمال من ذهب» وهو انتاج مغربي ـ اسباني و«الضوء الاخضر» و«اين تخبئون الشمس؟» لعبد الله المصباحي و«ايام شهرزاد الجميلة» لمصطفى الدرقاوي ، لكن ادواره السينمائية لم تعش طويلا في ذاكرة جمهوره كما عاشت اغانيه. «كان يا مكان»
* شكلت اغنية «كان يامكان» التي لحنها الدكالي وكتب كلماتها محمد الباتولي علامة فارقة في مسيرته الغنائية ، اذ فاز بها بالجائزة الكبرى في اول مهرجان للاغنية المغربية اقيم بمدينة المحمدية عام 1986 ، ولا يمكن للدكالي ان يحيي حفلا من حفلاته من دون ان يطالبه جمهوره باداء هذه الاغنية العاطفية الجميلة التي تحمل دلالات رمزية عميقة.
1987 تعرف الجمهور على الدكالي الرسام ، حيث اقام للمرة الاولى معرضا مشتركا مع الفنان التشكيلي المغربي محمد الزين، وما زال الدكالي يعد باقامة معرض كبير للوحاته الذي سيكون كما قال عبارة عن «اغان بالالوان» .
شخصية العالم العربي
* فاز الدكالي بلقب شخصية العالم العربي لعام 1991 ، في استفتاء اجرته مجلة «المجلة» التي تصدرها الشركة السعودية للابحاث والنشر. وفي عام 1993 فاز للمرة الثانية بالجائزة الكبرى للمهرجان الثالث للاغنية المغربية في مراكش .
وحصل الدكالي على تتويج عربي بفوزه بالجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للاغنية في القاهرة عام 1999 عن اغنيته «سوق البشرية». كما حاز على ميدالية ذهبية شرفية من البابا جون بول الثاني سنة 2004 و نفس السنة حصل على و سام الإستحقاق من وزير الثقافة الفرنسي و في سنة 2006 حصل من بابا الفاتيكان بونوا السادس عشر كأعلى سلطة دينية كاتوليكية على صفة رسول المحبة. غنى الدكالي لاشهر الشعراء والزجالين المغاربة مثل احمد الطيب العلج الذي كتب له «ما انا الا بشر» وعبد الرحمن العلمي وعلي الحداني وحسن الجندي ومحمد الباتولي وعمر التلباني، كما تعامل مع اكبر الملحنين المغاربة في بداياته قبل تفرغه لوضع الحانه بنفسه، وهم عبد السلام عامر في اغنية «اخر آه» ومحمد بن عبد السلام «يا الغادي في الطوموبيل» واحمد البيضاوي «يا فاس» وعبد الله عصامي «شحال يكذب غزالي» وعبد النبي الجراري وعبد الرحيم السقاط. وفي هذا السياق قال الملحن شكيب العاصمي لـ«الشرق الاوسط»: «الدكالي اضاف لمسات خاصة به على الاغنية المغربية ، فاغانيه لا تعتمد كثيرا على الطرب، فهو لا يرفع صوته عاليا ولا يغني جملا مطولة، بل يعتمد على الفكرة والاداء بطريقة مبسطة وعفوية وجميلة جدا» ، مضيفا انه «فنان كبير فرض نفسه على عمالقة الفن في المغرب والمشرق ، ذكي وله شخصية مميزة، لا يهتم كثيرا بما يقوله الاخرون عنه، غير متصنع كما يقال، ولا يخفي انفعلاته».
إنه ملحن جيد وممتاز، الا انه لم يساعد الفنانات والفنانين المغاربة الشباب، «فالالحان التي منحها لمطربات مثل رجاء بلمليح وفاطمة مقدادي ولبنى عفيف ، لم تحقق نجاحا يذكر، ربما لان تلك الالحان كان سيغنيها هو في الاصل ، ولم يلحنها بشكل خاص لهن، متناسبة مع طبقاتهن الصوتية وطريقة ادائهن». الا ان المغنية لبنى عفيف دافعت عن اغنية «الو شيري» التي لحنها لها الدكالي ، وقالت :«لا يمكن القول انها لم تحقق اي نجاح يذكر،لان الاغنية التي تنتقد من طرف الاخرين ، يعني انها تركت صدى وحققت نجاحا نسبيا، ولو لم تكن هذه الاغنية من الحان الدكالي لما تحدث عنها احد»، فالدكالي برأيها «من الفنانين الذين يحبون ان يلفتوا النظر مطبقا القول : خالف تعرف». شخصية الدكالي تعطي الانطباع بانها مراوغة ، حذرة ومترقبة، يضع جدرانا سميكة بينه وبين الاخرين ، يصعب تجاوزها ، لذلك تتردد اكثر من مرة قبل مهاتفته او الحديث اليه، لانه قد لا يخفي احيانا لا مبالاته او تجاهله لك.
يقطن الدكالي في الطابق الاخير من عمارة مكونة من 17 طابقا . وهي اعلى عمارة في مدينة الدار البيضاء ، وعندما ينزل في فندق يختار الطابق العلوي، «هذا لا يعني اني اريد رؤية الاشياء صغيرة ، بل لان هذا السكن يجعلني بعيدا عن الضوضاء ، وقريبا اكثر من الله».
لا يحب الاستقرار في مكان واحد بل يعشق السفر للتعرف على ناس اخرين وحضارت اخرى ، يفضل الطائرة بالنسبة للمسافات القصيرة والباخرة للاسفار الطويلة المتعبة.
يطلق على اصدقائه اسم «العصابة» وهم بعيدون عن المجال الفني : «اصدقائي امناء ومريحون ، في لقاءاتنا نعيد ذكريات الطفولة ونعيش في جو من المرح كالاطفال، يضعون كل ما يملكون تحت تصرفي » .
يقال عنه انه شخص مادي ، ويملك ثروة كبيرة ، لكنه يرى الامور من وجهة نظر اخرى: «انها مسألة تقييم للذات، لا توجد مقارنة بين الاجر الذي يتقاضاه الفنانون في اوروبا واميركا، والاجر الضئيل الذي يتقضاه الفنانون في العالم العربي ، وهم الذين يسعدون ملايين البشر» . لا يهتم الدكالي كثيرا بمظهره ولا يحب التأنق ، فشعاره هو البساطة و«ان اكون مرتاحا فيما ارتديه من ملابس ، فاحيانا تجد شخصا يرتدي ما قيمته 100 الف دولار : قميص من فرساتشي ، سروال من بيير كاردان ، حذاء من ماريلي ، ربطة عنق من ليونار ، والساعة من باتيك فليب ، انها مبالغة». عيوبه من وجهة نظره لخصها في: «ثقتي الزائدة بالناس ، وقسوتي على نفسي ، ومحاسبة الاخرين على اخطائهم».